التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
كان من المتوقَّع أن تكون آثار حصار بلجراد وخيمة على الدولة العثمانيَّة؛ لولا أنَّ الله لطف بالدولة العثمانيَّة؛ تغيير مجرى الأحداث!
كان من المتوقَّع أن تكون آثار حصار بلجراد وخيمة على الدولة العثمانية؛ فقد كانت المعنويَّات النصرانيَّة مرتفعةً للغاية، إلى درجة أنَّ البابا كاليكستوس الثالث لم يكن مكتفيًا برفع سقف الطموحات إلى تحرير القسطنطينية من المسلمين؛ بل فكَّر جدِّيًّا، وأعلن ذلك مرارًا، أنَّه يُريد بيت المقدس ذاته، وأنَّ انتصار بلجراد سيكون هو المنطلق لتحقيق هذه الأمنيات[1]. كان من الممكن أن تكون التداعيات بهذه الصورة لولا أنَّ الله لطف بالدولة العثمانيَّة؛ وذلك عن طريق ثلاث وَفَيَات متتالية كان لها أكبر الأثر في تغيير مجرى الأحداث!
أمَّا الوفاة الأولى فكانت لچون هونيادي الحاكم العسكري للمجر، والقائد للجيش المنتصر في بلجراد، وقد تُوفِّي بعد الموقعة بثلاثة أسابيع فقط في يوم 11 أغسطس 1456م، وكانت وفاته بالطاعون الذي تفشَّى في المنطقة بعد المعركة نتيجة كثرة الجثث[2]. مثَّلت وفاة هونيادي نجاةً للدولة العثمانيَّة من أكثر من ناحية؛ فأولًا: فقدت المجر قائدًا عسكريًّا متميِّزًا لا يتكرَّر بسهولة، وثانيًا: فقدت المجر الرجل الذي كان يستطيع أن يُرْغِم نبلاءها على طاعته، فبعد وفاته صار لكلِّ واحدٍ من هؤلاء النبلاء اقتراحه المنفرد الذي أدَّى إلى شقاقٍ كبيرٍ في الدولة، وثالثًا: كانت الناحية النفسيَّة للأوروبِّيِّين بعد بلجراد مرتبطةً بشخص هونيادي وليس بمؤسَّسة الجيش المجري أو الدولة، ولذلك عند فقدان هذا الرجل شعر الأوروبِّيُّون أن تخليص البلقان من العثمانيِّين صار أمرًا عسيرًا إن لم يكن مستحيلًا.
والواقع أنَّ المجر دخلت في صراعاتٍ كبيرةٍ على الحكم بعد وفاة هونيادي؛ فملكها لاديسلاس الخامس صغيرٌ في السن، ولا بُدَّ عليه من وصاية، وقد نشأت عدَّة صراعات داخليَّة وخارجيَّة بُغْيَة الوصول إلى حكم المجر، وهذا كلُّه بالطبع أدَّى إلى انشغال المجر بنفسها، وهذا يصبُّ في مصلحة الدولة العثمانيَّة.
أمَّا الوفاة الثانية فهي وفاة چون كابسترانو القسِّ المحرِّك للجموع الصليبية، والملهم للحركة النصرانيَّة في مواجهة المسلمين! وقد تُوفِّي في 23 أكتوبر 1456م بعد الموقعة بثلاثة شهور فقط، واختلف في سبب وفاته؛ فالبعض يرى أنَّها كانت من الإرهاق الشديد وبعض الإصابات من معركة بلجراد[3]، والبعض يرى أنَّها من الطاعون كهونيادي[4]، ولكنَّ المهمَّ أنَّ النصرانيَّة فقدت عنصرًا فعَّالًا كان من الممكن أن يلهب حماس الأوروبِّيِّين، ويعمل على تجميع جيوشٍ صليبيَّةٍ جديدة، مستغلًّا النجاح الباهر الذي حقَّقه في بلجراد، وهكذا كانت وفاته مصلحةً كبرى للدولة العثمانيَّة.
أمَّا الوفاة الثالثة فكانت لچورچ برانكوڤيتش أمير صربيا، وكانت في 24 ديسمبر 1456م[5]؛ أي بعد موقعة بلجراد بخمسة شهورٍ فقط، وقد دخلت صربيا بعده في صراعاتٍ كبيرةٍ للغاية، إلى درجة التصارع بين أبناء برانكوڤيتش الذكور والإناث، وقد انتهى الصراع بوصول لازار Lazar ابن برانكوڤيتش إلى الحكم، وهروب مارا ابنته -وهي أرملة مراد الثاني والد الفاتح- إلى أدرنة حيث استقبلها السلطان الفاتح هناك بعد نجاتها من محاولة قتلٍ على أيدي إخوتها[6]! هذه الأجواء أدَّت بالطبع إلى ضعف صربيا بشكلٍ كبير، وستُمهِّد لتدخل عثماني قريب بعد أن تستقرَّ أحوال الدولة العثمانيَّة بعد أزمة بلجراد.
كان تزامن هذه الوفيات الثلاثة أمرًا عجيبًا، وقد ترك ظلاله على أوروبَّا بشكلٍ لافتٍ للنظر، فخابت مساعي البابا في استنهاض الأمراء والملوك الأوروبِّيِّين إلى درجة أنَّ البابا سعى للتحالف مع الأمراء المسلمين المعادين للدولة العثمانيَّة، مثل السلطان أوزون حسن سلطان إيران، الذي أبدى تعاونًا، وإن لم يصل الأمر إلى الاتفاق العسكري الحقيقي على عملٍ ما[7].
ولعلَّ هذه الاضطرابات المفاجئة في أوروبا هي التي سمحت للحصار الذي ضربه العثمانيُّون على مدينة أثينا قبل حصار بلجراد أن ينجح في إسقاطها في السنة نفسها، وبعد أزمة بلجراد؛ حيث دخلت في الأملاك العثمانيَّة عام 1456م[8]، والجدير بالذكر أنَّ أثينا كانت دوقيَّة منفصلة عن بقيَّة المورة، وتقدَّم الحديث عنها قبل ذلك، وأعتقد أنَّه لولا الوَفَيَات الثلاثة التي تحدَّثنا عنها لكان بإمكان أوروبَّا الغربيَّة أن تُقدِّم لهذه الدوقيَّة الدعم الكافي، وخاصَّةً أنَّ إدارتها كانت لعائلة فلورنسيَّة إيطاليَّة هي عائلة أشيولي Acciaioli، وكان من المتوقَّع للبابا، وأمراء الغرب بشكلٍ عامٍّ، أن يتفاعلوا معها لأنَّها كاثوليكيَّة مثلهم، لكنَّها سقطت دون تلقِّي أيِّ نوعٍ من الدعم منهم.
ومع ذلك، ومع حدوث هذه الأزمات الأوروبِّيَّة، إلَّا أنَّ عام 1457م لم يكن عامًا سعيدًا عند الدولة العثمانيَّة، وهذا لا شَكَّ مرتبطٌ بالهزَّة العنيفة التي أصابت الدولة بهزيمتها في بلجراد، ومرتبطٌ كذلك بالطموحات التي نمت في الإمارات النصرانيَّة التابعة للدولة العثمانيَّة بعد شعورها بأزمة العثمانيِّين، ولقد حدثت عدَّة مشكلات كبرى في هذا العام يُمكن حصرها في الآتي:
المشكلة الأولى: الحملة الصليبيَّة الباباويَّة على جزر بحر إيجة:
تحرَّك الأسطول الباباوي من نابولي في أغسطس 1456م فور وصول أخبار انتصار بلجراد، وحيث إنَّه لم يكن قد استكمل استعدادته فقد جعل وجهته إلى جزيرة رودس أوَّلًا ليأخذ الدعم والمدد من فرسان القديس يوحنا التابعين للبابا والمعادين للدولة العثمانيَّة[9]. بقى الأسطول الباباوي بقيادة الكاردينال لودوڤيكو Lodovico في الجزيرة فترة الشتاء، وذلك حتى شهر مارس 1457م[10]. تحرَّك لودوڤيكو بعد ذلك إلى الشمال، وأجرى مباحثات دبلوماسيَّة مع قيادات جزيرتي ليسبوس وخيوس ليدفعهما إلى قَطْع الجزية المدفوعة إلى الدولة العثمانيَّة[11]. بعد ذلك تقدَّم الأسطول الباباوي إلى الشمال لغزو الجزر العثمانيَّة في بحر إيجة، وقد نجح بسهولة في احتلال ثلاث جزرٍ مهمَّة، وهي ليمنوس، وساموتراس، وثاسوس[12]. أرسل الفاتح أسطولًا لمواجهة الأسطول الباباوي، والتقى معه في يوليو 1457م عند جزيرة ليسبوس[13]، وبعد مناوراتٍ ومعاركَ على مدار أسبوعين أو أكثر مُنِيَ الأسطول العثماني بهزيمةٍ واضحة، وفَقَدَ خمسًا وعشرين سفينةً من سفنه، وذلك في أغسطس 1457م[14]، وهكذا سيطر الأسطول الباباوي على الجزر الشماليَّة في بحر إيجة ممَّا يُهدِّد بقوَّة المضايق المؤدِّية إلى إسطنبول!
المشكلة الثانية: الإفلاق تستعدُّ للتمرُّد!
كانت إمارة الإفلاق -وهي جنوب رومانيا- تابعةً للدولة العثمانيَّة منذ زمن، ولكن أزمة بلجراد أنعشت آمالها في التخلُّص من التبعيَّة للعثمانيِّين، وكانت البداية أن قام ڤلاد الثالث والمعروف بڤلاد المخوزق -أو دراكولا- بغزو الإمارة بدعمٍ من ملك المجر، واستطاع أن يقتل أميرها الموالي للدولة العثمانيَّة، وهو ڤلاديسلاڤ الثاني، وكان هذا في يوم 20 أغسطس 1456م[15]؛ أي بعد انتصار المجر في بلجراد بشهرٍ واحد، ومع أنَّ ڤلاد الثالث استمرَّ بعد ولايته للإفلاق في دفع الجزية للدولة العثمانيَّة لفترة[16]، فإنَّ ولاءه الأساسي كان للمجر، ولن يلبث أن ينقطع عن الجزية، وسيُمثِّل مستقبلًا عقبةً كبيرةً في طريق الدولة العثمانيَّة، ولقد قام بعقد اتفاقيَّات دفاعٍ مشتركٍ مع إمارة ترانسلڤانيا (شمال رومانيا)، وهي إمارةٌ تدين بالولاء في ذلك الوقت للمجر، وهذا الدفاع المشترك سيكون ضدَّ الدولة العثمانيَّة[17]، بل سيكون أكثر خطورةً في عام 1457م عندما يدعم استيفين المعروف بالعظيم ليتولَّى حكم إمارة البغدان (مولدوڤا) كما سيتبيَّن في المشكلة الثالثة.
المشكلة الثالثة: ولاية استيفين على البغدان
قام ڤلاد الثالث أمير الإفلاق الجديد بدعم استيفين العظيم، وهو ابن أحد زعماء البغدان السابقين، وهو بوجدان الثاني Bogdan II، الذي قُتِل عام 1451م، وقام استيفين الثالث بالاشتراك مع ڤلاد الثالث بغزو البغدان في صيف 1457م، وطرد الأمير بيتر آرون الثالث Peter III Aaron، الذي كان مواليًا للدولة العثمانيَّة، ومع أنَّ استيفين الثالث استمرَّ في دفع الجزية إلى الدولة العثمانيَّة فإنَّ طموحاته كانت عاليةً جدًّا، ولقد عُرِف في التاريخ باستيفين العظيم Stephen the Great لكثرة انتصاراته على الدولة العثمانيَّة، وبولندا، والمجر[18][19]، وستمرُّ الأيَّام وينقطع عن دفع الجزية.
المشكلة الرابعة: تمرُّد شمال المورة
استغلَّ أحد امراء المورة البيزنطيِّين -وهو تُوماس- انتصار الأسطول الباباوي على العثمانيِّين في شمال بحر إيجة، وقام بقطع الجزية التي كان يدفعها إلى الدولة العثمانيَّة؛ معتقدًا أنَّه سيتلقَّى الدعم من الأسطول الغربي القريب منه الآن[20]، وبذلك خرجت شمال المورة من سيطرة الدولة العثمانيَّة بشكلٍ مؤقَّت.
المشكلة الخامسة: هزيمة ألبيولينا Albulena
قصَّة تمرُّد ألبانيا قديمة، والمعارك بين الدولة العثمانيَّة وإسكندر بك زعيم المتمرِّدين متكرِّرة، وقد أراد الفاتح أن يحسم أمر ألبانيا في صيف 1457م لكي يمنع البابا من استخدام هذه المنطقة قاعدةً لغزو الدولة العثمانيَّة، ومِنْ ثَمَّ أرسل جيشًا كبيرًا قدَّرت بعض الدراسات عدده بأرقامٍ تتراوح بين خمسين ألف مقاتل وثمانين ألفًا[21]. وصل الجيش إلى ألبانيا في مايو 1457م، وبعد مناوراتٍ كثيرة، وحروب عصابات، وتكتيكات هرب كثيرة قام بها إسكندر بك، التقى الجيشان في 2 سبتمبر 1457م[22]. كانت موقعةً كبيرةً للغاية عند مدينة ألبيولينا، وهي تقع الآن جنوب مدينة لاشي Laç في الوسط الشمالي لألبانيا، وتفاصيل الموقعة كثيرة[23][24]، وفي خلاصتها أنَّ الجيش العثماني تعرَّض لهزيمةٍ كبيرة، وبلغ عدد قتلى العثمانيِّين حوالي خمسة عشر ألف مقاتل، ولهذا يَعُدُّ بابينجر هذه المعركة أقوى معارك إسكندر بك ضدَّ الدولة العثمانيَّة وأكثرها دمويَّة[25]، ولقد أمَّنت هذه المعركةُ التمرُّدَ الألباني لمدَّة خمس سنواتٍ متَّصلة لم نُشاهد فيها جيشًا عثمانيًّا يقترب من ألبانيا!
المشكلة السادسة: وفاة ملك المجر لاديسلاس الخامس وولاية ماتياس!
تُوفِّي ملك المجر الشاب لاديسلاس الخامس Ladislaus V فجأةً في 23 نوفمبر 1457م، وتذكر بعض المصادر أنَّه مات من الطاعون[26]، بينما تذكر مصادر أخرى أنَّه مات مسمومًا[27]، وكانت وفاة هذا الملك الذي كان لا يملك من أمره شيئًا سببًا في اجتماع مجلس الدايت المجري والنبلاء على انتخاب ماتياس Matthias ابن الزعيم المجري الشهير هونيادي ملكًا على البلاد، وكان هذا في يوم 24 يناير 1458م[28]، وأنهى هذا الانتخابُ الحربَ الأهليَّة في المجر، وكان إيذانًا ببدء عهدٍ جديدٍ من القوَّة للمجر، ولم يكن هذا بالطبع في صالح الدولة العثمانيَّة، وكانت هذه هي المرَّة الأولى في تاريخ المجر الذي يصل فيها أحد النبلاء من غير العائلة المالكة إلى أن يحوز كرسي الملك[29]، وكان أقصى ما يُمكن الوصول إليه قبل ذلك هو الوصاية على المَلِك كما فعل چون هونيادي مع الملك لاديسلاس الخامس، أمَّا الوصول إلى المـُلْك بشكلٍ مباشرٍ فلم يحدث من قبل، ولا شَكَّ أنَّ تاريخ والد ماتياس -أعني هونيادي- وانتصاره في بلجراد، كان له أثرٌ عظيمٌ في دعم هذا الأمر. كان ماتياس من أقوى الملوك في تاريخ المجر، بل يقول عنه المؤرِّخ الإنجليزي وليام كاليس William Cales أنَّه كان من أعظم الملوك في زمانه، ومن أكثرهم استنارة[30]، ولعلَّ هذه الصفة الأخيرة اكتسبها من كونه فيلسوفًا محبًّا للعلم؛ حيث كان يمتلك مكتبةً حَوَت أكثر من ثلاثة آلاف كتابٍ نادر، وكانت تأتي في المرتبة الثانية مباشرةً بعد مكتبة الڤاتيكان، التي كانت تضمُّ ما يقرب من ثلاثة آلاف وخمسمائة كتاب[31]. ومع اهتمامه بالعلم إلَّا أنَّه كان مهتمًّا كذلك بالجيش والمعارك، وهو من أكثر مَنْ حقَّقوا انتصارات للمجر؛ حيث حوَّلها إلى قوَّةٍ خارقةٍ Super Power كما يقول المؤرِّخ الإنجليزي ماركوس تانر Marcus Tanner[32]. لا شَكَّ أنَّ وجود مثل هذه الشخصيَّة وقيادتها للصدام مع الدولة العثمانيَّة، كان له أكبر الأثر في اضطراب الحدود الشماليَّة للفاتح، وسيكون لهذا الرجل شأنٌ في تاريخ العثمانيِّين في الفترة القادمة؛ خاصَّةً أنَّه حكم طوال فترة حكم الفاتح، بل استمرَّ بعده؛ حيث مات ماتياس في عام 1490م[33]. ويبقى أن نعرف أنَّ هذه الشخصيَّة المتميِّزة -أعني ماتياس كورڤينوس- تولَّى الحكم وهو في الخامسة عشرة من عمره فقط[34]، وهو من الأمثلة النادرة في تاريخ أوروبَّا، وهو في الحقيقة يُشبه الفاتح في أمورٍ كثيرة، مثل حداثة سِنِّه عند ولايته، وقدراته العسكريَّة الفائقة، واهتمامه بالعلم والحضارة، مع اختلافهما الكبير بالطبع في مسألة العقيدة!
المشكلة السابعة: اضطرابات إمارة قرمان
كانت إمارة قرمان تُمثِّل عائقًا دائمًا أمام وحدة الدولة العثمانيَّة، وقد أدَّت هزيمة الجيش العثماني في بلجراد إلى إنعاش آمال أميرها إبراهيم الثاني في التحرُّر من التبعيَّة للدولة العثمانيَّة، ولو بالتعاون مع النصارى الذين يُعادون الفاتح! قام هذا الرجل بمحاولةٍ واسعة النطاق لتجميع القوى الغربيَّة المعادية للدولة العثمانيَّة في حلفٍ كبيرٍ لحرب الفاتح، وشملت محاولاته مباحثات مع إسكندر بك، وملك المجر، والبابا، وألفونسو الخامس ملك أراجون ونابولي، وكانت المحاولة خَطِرة، ولكنَّها باءت بالفشل، ولم يتكوَّن هذا الحلف قط[35]، ولكن لا شَكَّ أنَّها كانت تُمثِّل مصدرًا للخطورة الداخليَّة التي يُمكن أن تُهدِّد كيان الدولة كلِّها.
بالنظر إلى المشكلات التي ذكرناها، التي حدثت أعقاب هزيمة بلجراد، نجد أنَّ الدولة العثمانيَّة في هذه الفترة (النصف الثاني من عام 1456م، وعام 1457م) كانت وكأنَّها قد دخلت في حالة انعدام وزن؛ فلم يكن ممكنًا لها أن تتحقَّق من الأراضي الثابتة التي يُمكن أن تقف عليها، وقد التهبت حدودها كلَّها، وكانت على هذه الصورة:
الحدود الشمالية: مضطربةٌ للغاية! ظهر ماتياس القوي في المجر، ووحَّد صفها، وقوَّى جيشها، وتعاون مع الإمارات التابعة للدولة العثمانيَّة، والموجودة في شمالها، وهما إمارتا الإفلاق والبغدان، فأدَّى إلى حدوث اضطرابٍ كبيرٍ منهما، وخاصَّةً مع ظهور ڤلاد الثالث (دراكولا) في الإفلاق، واستيفين العظيم في البغدان.
الحدود الجنوبيَّة: مضطربةٌ جدًّا -أيضًا- لاحتلال الأسطول الباباوي لجزر ليمنوس، وساموتراس، وثاسوس، وتهديد المضايق البحريَّة، ولانقطاع ليسبوس عن دفع الجزية، وكذلك خيوس، وبالإضافة إلى وجود فرسان القديس يوحنا في رودس.
الحدود الغربيَّة: في غاية الاضطراب كذلك لنموِّ قوَّة إسكندر بك في ألبانيا، خاصَّةً بعد انتصاره على العثمانيِّين في معركة ألبيولينا.
الحدود الشرقيَّة: لم تكن بالاضطراب نفسه الذي عليه الحدود الأخرى، ولكنَّها كانت تُعاني كذلك؛ إذ إنَّ أمير قرمان يُحاول فَكَّ الارتباط مع الدولة العثمانيَّة، ومن ورائه سلطان إيران يرغب في إيقاف نموِّ الدولة العثمانيَّة، وكلاهما متعاونٌ مع القوى الغربيَّة، بالإضافة إلى أنَّ الحدود الشرقيَّة بها مملكة طرابزون، التي قد تكون منتعشة الآمال في استرداد ميراث الدولة البيزنطيَّة بعد هزيمة العثمانيِّين في بلجراد، ومع ذلك فكلُّ هذه الاضطرابات لم تكن بمستوى مثيلاتها في الشمال والجنوب والغرب.
هكذا كان الوضع في أوائل عام 1458م.
الدول التي تتعرَّض لمثل هذه الأزمات، وبهذا الشكل المكثَّف، تدخل في منعطف طرق؛ فإمَّا أن تتكالب عليها أزماتٌ أخرى، وتدخل في دوائر مغلقة من المشاكل، ومِنْ ثَمَّ تفقد مكانتها وبريقها، وقد تختفي من على وجه الساحة السياسيَّة، وهذا متكرِّرٌ جدًّا في التاريخ، وحدث مع عائلاتٍ كبرى حَكَمَت دولًا قويَّة، مثل: العائلة الأيوبية، أو الطولونية، أو الإخشيدية، أو الأغالبة، وكذلك في الدول الأوروبِّيَّة كالعائلات المالكة في إنجلترا، وفرنسا، وإسبانيا، وغيرها. هذا طريقٌ يُمكن أن تسير فيه بعض الأمم، ولكن هناك طريقٌ آخر يُمكن أن تسير فيه أممٌ أخرى، وهو طريق الالتفات الجادِّ إلى أسباب هذه الأزمات، وعلاجها بشكلٍ حاسم، ومِنْ ثَمَّ تُصبح هذه الأزمات نوعًا من الصدمة التي تُؤدِّي إلى إفاقة الدولة وتنبيهها إلى أخطائها، وعلاجها بشكلٍ متكامل، ومِنْ ثَمَّ تُصبح هذه الأزمات نقطة انطلاقٍ تدفع الدولة إلى الأمام. والحمد لله أنَّ الدولة العثمانيَّة اختارت أن تسير في الطريق الثاني، ومِنْ ثَمَّ صار عام 1458م وما بعده من الأعوام، نقطة انطلاقٍ لتحقيق أمجادٍ أخرى للدولة بعد التعافي من مشكلة بلجراد وتوابعها.
كانت النقاط الملتهبة في حدود الدولة العثمانيَّة وداخلها كثيرة، ولم تختر الدولة بإرادتها أيَّ النقاط تبدأ بها، لكن الأقدار سارت بالدولة في اتجاهاتٍ إجباريَّةٍ حسب المتغيِّرات المفاجئة، ولكنَّ الفاتح أحسن استغلال هذه الظروف ليُحَقِّق للدولة أفضل نجاحٍ ممكن.
كانت من أوائل أحداث عام 1458م وفاة لازار أمير صربيا بشكلٍ مفاجئ يوم 20 يناير عن عمرٍ يُناهز سبعًا وثلاثين سنة، وذلك بعد شائعات بأنَّ أحد النبلاء قد دسَّ له السُّمَّ[36]. حدث صراعٌ على الحكم بعد وفاة لازار لأنَّه تُوفِّي بلا أولاد ذكور، وكان من بين المتصارعين مايكل أنچلوڤيتش Michael Angelović، وهو أخو محمود باشا أنچلوڤيتش Mahmud Pasha Angelović الصدر الأعظم للدولة العثمانيَّة في ذلك الوقت، وقد قامت أرملة لازار هيلينا Helena بالقبض على مايكل أنچلوڤيتش وإرساله أسيرًا إلى ملك المجر[37]، ونتيجة هذه الملابسات قام المؤيِّدون لمايكل أنچلوڤيتش بمراسلة السلطان الفاتح ليأتي لضمِّ صربيا بشكلٍ مباشرٍ للدولة العثمانيَّة[38].
جاءت هذه الدعوة للسلطان الفاتح بينما كان يستعدُّ لفتح ملفِّ شبه جزيرة المورة اليونانيَّة، وقد مرَّ بنا أنَّ أحد أمرائها -توماس- قام بقطع الجزية عن الدولة العثمانيَّة عَقِب الحملة الباباويَّة على جزر بحر إيجة، فكان على الفاتح أن يختار بين غزو المورة، أو غزو صربيا، أو فعل كلا الأمرين معًا! إذا أخذنا في الاعتبار أنَّ أرملة لازار هيلينا هي ابنة توماس أمير المورة[39] أدركنا أنَّ الأمر صار معقَّدًا جدًّا؛ فالآن يُمكن التعاون بين اليونان وصربيا ضدَّ الدولة العثمانيَّة، وهذا الحلف بالطبع سيكون مدعومًا بالمجر، التي كانت تُساند هيلينا في حربها لمايكل أنچلوڤيتش. هذا الوضع المركَّب دفع الفاتح إلى أن يفتح الملفَّين معًا، لقد قرَّر أن يذهب هو بنفسه إلى اليونان، بينما يُرسل صدره الأعظم محمود أنچلوڤيتش لصربيا[40]. كان محمود أنچلوڤيتش صدرًا أعظم للدولة العثمانيَّة من عام 1456م، وهو من أصولٍ نصرانيَّةٍ صربيَّةٍ أو يونانيَّة[41]، وإن كنت أُرجِّح الأصل الصربي لكون أخيه منافسًا على العرش هناك، ولا يُتوقَّع أن يكون ذلك ليوناني، وكان محمود أنچلوڤيتش قد أسلم قديمًا، وترقَّى في مناصب الجيش، حتى وصل إلى مركز الصدارة العظمى في الدولة العثمانيَّة. كانت المسألة الصربيَّة ساخنةً للغاية، لذلك لم يتردَّد الفاتح في إخراج جيش محمود أنچلوڤيتش إلى صربيا في مارس 1458م[42]. حقَّق الجيش العثماني نجاحًا كبيرًا في حملته على صربيا، واستطاع أن يفتح مدينة جولوباك Golubac، وهي مدينةٌ مهمَّةٌ في جنوب شرق صربيا، وضرب حصارًا حول مدينة سمندريَّة عاصمة صربيا آنذاك، لكنَّه لم يستطع أن يُسْقِطَها[43]. كان من المتوقَّع للمجر أن تتدخَّل في الأمر، لكن من حسن تدبير رب العالمين للدولة العثمانيَّة أنَّ ملك المجر الجديد ماتياس كان يحتاج لبعض الوقت لتثبيت قدمه في الحكم، وكان يُقاوم بعض العداوات الداخليَّة، ولذلك لم يستطع إلَّا أن يُرسل ثمانية آلاف جندي إلى بلجراد بهدف إعانة الحامية هناك على حماية المدينة المهمَّة، ومنع العثمانيِّين من اجتياز الدانوب[44].
سيطر العثمانيُّون بذلك على جنوب صربيا بشكلٍ جيِّدٍ نسبيًّا؛ حيث صارت لهم فيها قواعد ثابتة، وإن لم يستطيعوا السيطرة على أهمِّ مدن الجنوب وهي سمندريَّة.
في هذه الأثناء قام السلطان الفاتح بحملته الهمايونيَّة الأولى على اليونان. بدأت الحملة في ربيع 1458م، ودخل الفاتح اليونان من شمالها عبر مقدونيا، وسيطر على عددٍ من المدن في طريقه، ثم اجتاز خليج كورينث Gulf of Corinth ليدخل المورة، ويُسيطر على عددٍ كبيرٍ من مدنها الشماليَّة، وأهمها: باتراس Patras، وكالاڤريتا Kalavryta، ونيميا Nemea، وغيرها، ويكون بذلك قد سيطر على الثلث الشمالي لشبه جزيرة المورة[45]. قام الفاتح في هذه الحملة بتدمير مائتين واثنتين وتسعين قلعةً من أصل ثلاثمائة قلعةٍ موجودة في شمال المورة[46]، وبذلك فتح الطريق الدائم أمام جنوده لدخول المنطقة، وقضى تمامًا على احتمال المقاومة لاحقًا. وصل الفاتح في هذه الحملة إلى اتِّفاقٍ مع الأخوين البيزنظيَّين توماس وديمتريوس على بقائهما حاكمين تابعين له في ثلثي الجزيرة الجنوبي، على أن يدفعوا له جزية أكبر من المفترضة عليهم في السنوات الماضية[47]. في هذه الحملة -أيضًا- استطاع الفاتح إسقاط قلعة أكروبوليس Acropolis في أثينا، وذلك في يونيو 1458م[48]، وكان العثمانيُّون قد أخذوا أثينا -كما مرَّ بنا- في عام 1456م، ولكن دون هذه القلعة المهمَّة. كان سقوط القلعة إيذانًا بدخول دوقيَّة أثينا الفلورنسيَّة في الدولة بشكلٍ مباشر، ومع ذلك فإنَّ محمدًا الفاتح اتَّفق مع أمير أثينا الأخير -وهو فرانشيسكو الثاني أشيولي Francesco II Acciaioli- على حكم مدينة يونانيَّة اسمها طيبة Thebes في منطقة بوتيا Boeotia في وسط اليونان، على أن يكون تابعًا للدولة العثمانية[49]. وفي أغسطس من هذه السنة دخل السلطان الفاتح مدينة أثينا، وقد أبدى انبهاره وإعجابه بالمباني الحضاريَّة العظيمة بالمدينة، وأمر بالحفاظ على عراقتها وأصالتها دون إحداث أيِّ ضررٍ بها[50]، وفي هذه الزيارة -أيضًا- قام الفاتح بتحويل المعبد اليوناني الشهير المعروف بالبارثينون Parthenon إلى مسجد، وكان قد تَحَوَّل قبل ذلك إلى كنيسة، ولم يُجْرِ الفاتح تعديلاتٍ كثيرةً في المبنى ليُحافظ على أثريَّته العريقة، ولكن اكتفى بتحويل برج المراقبة فيه إلى منارةٍ للمسجد مع دهان الصور النصرانيَّة في المبنى بطلاءٍ أبيض[51].
بعد هذه الحملة الناجحة توجَّه السلطان الفاتح شمالًا إلى مدينة سكوبيه Skopje في مقدونيا؛ لمقابلة صدره الأعظم محمود أنچلوڤيتش بعد انتهائه من مهمَّة السيطرة على جنوب صربيا[52]. كان الهدف من هذ اللقاء هو الاطمئنان على الوضع العسكري في صربيا ليُقرِّر الفاتح مستقبل المرحلة القادمة، وهل يُسرِّح الجيشَ في فترة الشتاء المقبلة أم يحتاج الأمر إلى استكمال المهمَّة العسكريَّة بالعودة بالجيوش كلِّها إلى صربيا؟ في هذه الزيارة التي كانت في خريف 1458م، وصلت الأنباء إلى الفاتح وأنچلوڤيتش أنَّ الجيش المجري حاول استرداد جانبٍ من صربيا بعد رحيل أنچلوڤيتش إلى سكوبيه، ولكنَّه تلقَّى هزيمةً من الجيش العثماني المتمركز هناك، وذلك عند مدينة تاهتالو Tahtalu[53]. عند وصول هذا الخبر أدرك الفاتح أنَّ الموقف صار محسومًا لصالح الدولة العثمانيَّة، ومِنْ ثَمَّ أنهى الحملة، وعاد أدراجه إلى أدرنة بعد هذا النجاح الملموس.
يبقى من أحداث عام 1458م حدثٌ مهمٌّ ينبغي التعليق عليه، وهو وفاة البابا كاليكستوس الثالث في أثناء هذه الحملات العثمانيَّة، وتحديدًا في يوم 6 أغسطس 1458م، وكان من الممكن أن يكون هذا تطوُّرًا مفيدًا للدولة العثمانيَّة؛ حيث كان هذا البابا -كما رأينا- متحمِّسًا بشدَّةٍ لحرب المسلمين، لولا أنَّ البابا الجديد لم يكن أقلَّ منه تشوُّقًا لاستكمال الحروب الصليبيَّة! كان البابا الجديد هو بيوس الثاني Pius II وقد أعلن فور تنصيبه استكمال مهمَّة كاليكستوس الثالث في حرب الدولة العثمانيَّة، بل دعا الأمراء الأوروبِّيِّين إلى اجتماعٍ كبيرٍ في مانتوا Mantua الإيطاليَّة للتجهيز لحربٍ صليبيَّةٍ جديدة، ولكن بسبب تراخي الأمراء لم يتم هذا الاجتماع إلَّا في أوَّل يونيو 1459م بعد ما يقرب من ثمانية شهور من الدعوة إليه، ولم يصل فيه الصليبيُّون إلى نتيجةٍ واضحةٍ لتجهيز الحملة الصليبيَّة[54].
هكذا جاء عام 1458م سعيدًا على الدولة العثمانيَّة بعد انقضاء عام 1457م الصعب، وحقَّق السلطان الفاتح نتائج طيِّبةً في جنوب صربيا واليونان، وكانت هذه النتائج تمهيدًا للفتح الكامل لهذه المناطق في الأعوام التالية، وهو ما سنراه في المقال القادم إن شاء الله[55].
[1] Housley Norman Crusading and the ottoman threat [Book]. - Oxford, UK : Oxford, university press, 2013, p. 27.
[2] Setton Kenneth Meyer The Papacy and the Levant, 1204-1571: The fifteenth century [Book]. - [s.l.] : American Philosophical Society, 1976, vol. 2, p. 183.
[3] Freely John The Grand Turk: Sultan Mehmet II, Conqueror of Constantinople and Master of an Empire An Empire And Lord Of Two Seas [Book]. - New York : The Overlook Press, 2009, p. 61.
[4] Cooper J.C. Dictionary of Christianity [Book]. - New York, USA : Routledge , 2013, p. 139.
[5] Fine John Van Antwerp The Late Medieval Balkans: A Critical Survey from the Late Twelfth Century to the Ottoman Conquest [Book]. - [s.l.] : University of Michigan Press, 1994, p. 569.
[6] Freely, 2009, p. 65.
[7] Bower Archibald The History of the Popes [Book]. - London, UK : Printed by author, 1766, vol. 7, p. 284.
[8] Turnbull, Stephen The Ottoman Empire 1326–1699 [Book]. - London, UK : Bloomsbury Publishing, 2012 (A), p. 40.
[9] Wright Christopher The Gattilusio Lordships and the Aegean World 1355-1462 [Book]. - Leiden, The Netherlands : Brill , 2014, p. 71.
[10] Setton, 1976, vol. 2, p. 188.
[11] Wright, 2014, p. 71.
[12] Setton, 1976, vol. 2, p. 188.
[13] Wright, 2014, p. 71.
[14] Setton, 1976, vol. 2, p. 188.
[15] Cazacu Matei Dracula [Book]. - The Netherlands : Brill, Leiden, 2017, p. 78.
[16] Treptow Kurt W. Vlad III Dracula: The Life and Times of the Historical Dracula [Book]. - [s.l.] : The Center of Romanian Studies, 2000, p. 95.
[17] Rezachevici Constantin Vlad Țepeș – Chronology and historical bibliography [Book Section] // Dracula: Essays on the Life and Times of Vlad Țepe / book auth. Treptow Kurt W. - East European Monographs, Columbia University Press, 1991, p. 255.
[18] Treptow, 2000, p. 99.
[19] Eagles Jonathan Stephen the Great and Balkan Nationalism: Moldova and Eastern European History [Book]. - [s.l.] : I.B. Tauris, 2014, p. 34.
[20] Setton, 1976, vol. 2, p. 188.
[21] Frashëri Kristo Gjergj Kastrioti Skënderbeu: jeta dhe vepra, 1405–1468 [Book]. - [s.l.] : Botimet Toena, 2002, p. 347.
[22] Noli Fan Stilian George Castrioti Scanderbeg (1405–1468) [Book]. - New York, USA : International Universities Press, 1947, p. 53.
[23] Frashëri, 2002, pp. 345-351.
[24] Hodgkinson Harry Scanderbeg.. From Ottoman Captive to Albanian Hero [Book]. - London, UK : Centre for Albanian Studies, 1999, pp. 146-151.
[25] Babinger, 1978, p. 152.
[26] Kubinyi András Matthias Rex [Book] / trans. Gane Andrew T.. - Budapest : Balassi Kiadó, 2008, 2008, p. 27.
[27] Tringli István V. László [Book Section] // Magyar királyok nagykönyve: Uralkodóink, kormányzóink és az erdélyi fejedelmek életének és tetteinek képes története története / book auth. Noémi Gujdár and Nóra. Szatmáry. - Budapest [Encyclopedia of the Kings of Hungary: An Illustrated History of the Life and Deeds of Our Monarchs, Regents and the Princes of Transylvania] (in Hungarian) : Reader's Digest, 2012, p. 139.
[28] Engel Pál The Realm of St Stephen: A History of Medieval Hungary, 895–1526 [Book]. - London, UK : I.B. Tauris Publishers, 2001, p. 298.
[29] Tanner, 2009, p. 50.
[30] CaLes, 1875, p. 725.
[31] Wedgeworth Robert World Encyclopedia of Library and Information Services [Book]. - Chicago, USA : American Library Association, 1993, p. 661.
[32] Tanner, 2009, p. XI.
[33] Bak János The Late Medieval period (1382–1526) [Book Section] // A History of Hungary / book auth. Sugar Peter F., Hanák Péter and Frank Tibor. - Bloomington, IN, USA : Indiana University Press, 1994, p. 73.
[34] Kubinyi, 2008, p. 23.
[35] Frashëri Kristo Gjergj Kastrioti Skënderbeu: jeta dhe vepra, 1405–1468 [Book]. - [s.l.] : Botimet Toena, 2002, pp. 341-342.
[36] Fine, 1994, p. 572.
[37] Freely, 2009, p. 65.
[38] İnalcık, 1960, vol 35, no. 3, p. 419.
[39] Fine, 1994, p. 572.
[40] Freely, 2009, p. 65.
[41] Danişmend İsmail Hâmi Osmanlı Devlet Erkânı [Book]. - Istanbul : Türkiye Yayınevi, 1971., 1971, p. 10.
[42] Fine John Van Antwerp The Late Medieval Balkans: A Critical Survey from the Late Twelfth Century to the Ottoman Conquest [Book]. - [s.l.] : University of Michigan Press, 1994, p. 572.
[43] İnalcık, 1960, vol 35, no. 3, p. 419.
[44] Fine, 1994, p. 573.
[45] Pitcher Donald Edgar An historical geography of the Ottoman Empire from earliest times to the end of the sixteenth century with detailed maps to illustrate the expansion of the Sultanate [Book]. - Leiden : E. J. Brill,, 1973, p. 86.
[46] أوزتونا، 1988م صفحة 1/150.
[47] Pitcher, 1973, p. 86.
[48] Piccolomini Aeneas Silvius (Pope Pius II) Europe (c.1400-1458) [Book] / trans. Brown Robert. - Washington, D. C, USA : the catholic university of America Press, 2013. - introduced and annotated by Nancy Bisaha., p. 107.
[49] Babinger Franz Mehmed the Conqueror and His Time [Book]. - [s.l.] : Princeton University Press, 1978, p. 160.
[50] Kritovoulos History of Mehmed the Conqueror [Book] / trans. Riggs Charles T.. - [s.l.] : Greenwood Press, Westport, Connecticut,, 1954, p.136.
[51] Hurwit Jeffrey M. The Athenian Acropolis: History, Mythology, and Archaeology from the Neolithic Era to the Present [Book]. - New York, USA : Cambridge University Press,, 1999, p. 295.
[52] Finkel Caroline Osman's Dream: The Story of the Ottoman Empire 1300-1923 [Book]. - London UK : John Murray, 2005, p. 60.
[53] Freely, 2009, p. 65.
[54] Bower Archibald The History of the Popes [Book]. - London, UK : Printed by author, 1766, 1766, vol. 7, p. 289.
[55] دكتور راغب السرجاني: قصة السلطان محمد الفاتح، مكتبة الصفا، القاهرة، الطبعة الأولى، 1441هـ= 2019م، 1/ 364- 374.
التعليقات
إرسال تعليقك